
2 تشرين الثاني 2018 |
"الثقافة الرقمية" عنوان عريض لمعرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت بنسخته الـ25 لهذا العام. الحدث الثقافي المنتظر نظمه كالعادة المعهد الفرنسي في لبنان، وشارك فيه العديد من الناشرين والكتاب الفرنكوفونيين في نشاطات ثقافية غنية، وللمرة الأولى كان جناح للكتب العربية المترجمة عن الفرنسية.
حضر الافتتاح وزير العدل سليم جريصاتي ممثلا رئيس الجمهورية، النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب، النائب نزيه نجم ممثلا رئيس مجلس الوزراء، السفير الفرنسي برونو فوشيه، والبلجيكي هيبرت كورمن.
وبعد تقديم لمديرة المعهد الفرنسي فيريونيك اولانيون، تحدث رئيس نقابة مستوردي الكتب مارون نعمة فاعتبر ان "استيراد الكتب مهدد امام الهجمة الرقمية"، وتحدث عن الذكاء الاصطناعي والتحديات أمامه، ودور مستوردي الكتب في توسيع الرؤية لدى القارئ .
الى كلمة السفير الفرنسي الذي قال ان "هذا المعرض الفرنكوفوني يمثل مباردة فريدة في المنطقة، ويشدد على الجانب الشبابي والعصري، اذ يستقبل نحو٢٠ ألف تلميذ من المدارس الرسمية ونحو ٨٠ ألف زائر"، معتبرا ان "الرقمي لا يمكن ان يعفي القارئ من الوقت اللازم لقراءة الكتب، خصوصا كلاسيكيات الفرنكوفونية .
ورأت وزيرة الثقافة والطفولة والتربية البلجيكية ألدا غريولي أن "ما يجمعنا هو حب القراءة والتبادل"، وشكرت القيمين على المعرض "لأنهم سمحوا لبلجيكا الصغيرة بأن تكبر في هذا المعرض". وقالت انها قررت "ان يحصل كل مولود جديد في بلجيكا على الكتاب، والهدف منه ان يكون في كل بيت كتاب يلمسه الطفل ثم يفتحه ويسمع القصة من أهله". وتحدثت عن قانون صدر في بلجيكا يحمي الكتاب والمؤلف والناشر وتنوع الكتاب .
من جهته قال جريصاتي ان "الرئيس عون عبر في مؤتمر القمة الفرنكوفونية في يريفان عن الثوابت اللبنانية خصوصا ان لبنان حظي باستقبال المكتب الإقليمي للفرنكوفونية". وشدد على انضمام لبنان الطبيعي الى العالم الفرنكوفوني والدور الذي أولي له لنشر الفرنكوفونية من لغة وثقافة وقيم .
وتحدث عن الصداقة اللبنانية-الفرنسية، وأكد باسم عون ان "فرنسا، مع تسلم الرئيس ماكرون، استعادت دورها كصديق غير مشروط للبنان حاضرة لحاجاته وانتظاراته، وتأخذ المبادرة عندما تحيط المخاطر ببلاد الأرز في هذه المنطقة المتأججة، وتساهم بفعالية في حل المشاكل البنيوية لاقتصاده، ومؤتمر سيدر خير دليل على ذلك .
واعتبر ان "حمّى انتظار تأليف الحكومة استحقاق أساسي في حياة البلد، وان فرنسا لديها مخاوف من تداعيات هذا الانتظار .
يستمر المعرض الى الاحد 11 تشرين الثاني، وكان استقبل العام الماضي اكثر من 80 الف زائر، واكثر من 180 كاتبا سيشاركون هذا العام، و60 عارضا، ويتخلله تقديم 5 جوائز ادبية . وهذه السنة يركز المعرض على "الثقافات الرقمية" من خلال الندوات والمحاضرات، وابرزها مع الكتاب ستيفان ناتكين، وريمي ريفيل ودومينيك كاردون . ويتعاون المعرض هذا العام مع ارصفة زقاق- المهرجان، وتتخلله عروض سينمائية وثائقي "الناشرون" من بول اوتشاكوفسلي لوران، والرسوم المتحركة "سبيرو وفانتازيو"في استعادة سينمائية، وجائزة غونكور للشرق .
وثمة قسم مخصص للشباب مع العديد من النشاطات المدرسية الصباحية وللجميع بعد الظهر .

أنتَ غائبٌ اضطراراً. لكنكَ تفوح بسبب عطر العقل الذي ينضح منكَ، مثلما تفوح بسبب ذائقة الحبر ولزوم عودة الحوار إلى الحديقة.
وأنتَ تخترع، لا ليُدرَج اسمكَ بين المخترعين، وإنما من أجل أن تستدرج الغيوم لتصبح مهيّأةً للمطر. وأنتَ تستطلع الضوء من أجل لا أن نراه فحسب بل لكي يُنصَت إليه في أزمنة الخواء والعدم. وأنتَ لا تتـغيّب. وإن تغيّبتَ فلسببٍ جوهريٍّ مُقنعٍ ليس إلاّ. إذ ليس من عاداتكَ أن تستريح أو تستجمّ. وليس لشجاعتكَ أن تنكفئ. فمَن مثلكَ لا يُخلِد إلى قيلولة. ولا ينضمّ إلى نوم. أنتَ تُفسح فحسب.
تُفسح للمعنى أن يستعيد معناه. وتُفسح للأفكار أن تسترجع ما انتُزِع منها غصباً. وتُفسح للقيم والمعايير أن تحاسب المقصِّرين وتجّار الهيكل. وتُفسح لثقافة السياسة أن تُزيل الوحلَ الذي علق بالسياسة، وتغسل الفضيحةَ التي تضفر رأس لبنان بالعار.
وقد رافقتُكَ وأنتَ تجعل بلادنا مفتوحةً على عبقرية الأمل.
وقد رافقتُكَ وأنتَ تحضّ جبالنا المكلّلة بكبرياء الشمس على أن لا تخشى النزول إلى معترك السهول والمدن.
وقد رافقتُكَ وأنتَ تفعل فعلكَ الجمّ في الباطن، وتستثير الثلوج من أجل أن تتشلّق. فأنتَ كنتَ تدرك مسؤولية الثلوج في أن تنمو وتزدهر، لتصير شبيهةً بدور النجوم في ليالي المتاهات، وشبيهةً بفرادة الرجال حين ينهمرون كالشلاّلات الذاهبة إلى الأنهار لينضمّوا إلى هموم المدن والبحار.
لا عيب فيكَ سوى هدوء الحكمة ومرتجاها.
لا غبار عليكَ سوى غبار المهمّات المستحيلة.
لا وجع يُثنيكَ. لا إرهاب. ولا احتلال.
كنتَ مأخوذاً بوجع لبنان وبأوجاع شعبه، من الناقورة إلى النهر الكبير، ومن حرمون وصنّين إلى القرنة السوداء وغوايات المكمل.
وكنتَ مأخوذاً باللقاء، وشغف الحوار، سبيلاً إلى تجسّد الفكرة واتضاح الدروب إلى العقل.
وكنتَ إهدنياً بالكرامة. وطرابلسياً بلقاء الفوق والتحت والبرّ والبحر. وجنوبياً بالتبغ والاعتزاز. وشوفياً بشيم الكبرياء ولياقات الجبل. وبقاعياً بالألم. وبيروتياً بخبرة المختبر واختصاص المدينة التي اصطفاها الشعر لتكون خلاّقةً ومخترعةً على طريقة الخيمياء التي تولّد وتستولد. وكنتَ لبنانياً على طريقة الإناء الجامع. ومشرقياً على طريقة هذه الشمس التي لا تستثني أحداً، ولا تريد أن تستثني.
وأنتَ غائبٌ اضطراراً.
غيابكَ يُلزِم الأحرار أن يستهدوا بالثورة الهادئة، ثورتكَ المقدامة، الأبيّة، الواعية، الدمثة، الواثقة، الصلبة، ثورة الحرية الحكيمة، القادرة على مقارعة الجريمة، جريمة الاتجار بالفكرة والحرية والاستقلال، جريمة ذبح دولة الحقّ والقانون والدستور، والسمسرة بلبنان على أيدي السماسرة من كلّ نوع. وما أكثر هؤلاء.
¶ La revolution tranquille, samir frangie, l'orient des livres

افتتحت دورة صالون الكتّاب الفرنكوفوني الرابعة والعشرون على اسم سمير فرنجية، كشخصية لبناني وفرنكوفونية تستحق التكريم في مشوارها الطويل الفكري والثقافي والسياسي ومن الشخصيات التي أحبتها فرنسا، حيث عرفته من كتاباته ومن أعماله ونتاجاته. واللبنانيون يعرفونه شخصية حوارية/ مثياقية وسياسية مغايرة طبعت صورة من التاريخ السياسي الحديث في لبنان على مدى نصف قرن وأكثر.
اختارت السفارة الفرنسية والمركز الفرنسي منظم فاعليات المعرض الفرنكوفوني أن تطلق اسم فرنجية على دورتها، وأن تنظم في يوم الافتتاح الأول أمام الجمهور ندوة حول سمير فرنجية وطاولة نقاش تكريمية واستعادية، وهو ما زال في صلب القضايا السياسية والثقافية ورغم غيابه ما زال له الحضور الآسر كاختيار شخصية حاضرة واختيار لبناني مفتوح على الحياة التي لا تعرف حدوداً ثابتة أو تخوفاً نهائية.
سمير فرنجية كان وسط جمهور كبير ملأ صالة الندوات في الصالون إلى آخرها وسط أصدقائه ومحبيه وأمام حشد كبير من الكتّاب والمثقفين والأكاديميين الفرنسيين واللبنانيين، وحاضراً أيضاً في كتبه وأبحاثه وكل نتاجه ولا سيما في كتابَيه «رحلة إلى أقاصي العنف» و«الثورة الهادئة» في المكتبة الشرقية.
سمير فرنجية حضر في كلمات وفاء، رجل الشغف الذي لا يعرف الخضوع مطلقاً (مروان حماده) والساحر الجذّاب (شوقي عازوري) والبيك اليساري (جلبير الأشقر).. والمفارقة كانت أن تحتفل بيروت بسمير فرنجية الأكثر شعبية بين صفوف قادة 14 آذار، وهي تواجه الاختبار السياسي نفسه الذي عايشه سمير فرنجية بدقائقه وتفاصيله الكثيرة.
البروفسور انطوان قربان قدم للندوة راسماً «بورتريه» سمير فرنجية «رجل الالتزام الوطني والفكر الحر والسيادي والمناضل إلى الأقصى من أجل لبنان ورجل السلام الأبيض والانفتاح على العالم الحر الجديد».
الوزير مروان حماده عرج على محطات كثيرة بكلمة مقتصرة على العناوين مع شخصية غنية جداً وخصبة وشاهدة على محطات نهضوية كبيرة في تاريخ لبنان السياسي الحديث وعن سمير فرنجية «رجل اللاخضوع النهائي» المتمسك بمبادئه وهي مبادئ الجمهورية المدنية والمثقف العنيف المتمسك بقناعاته.
وأضاف حماده: «سمير فرنجية كان يرمز بحركته السياسية والفكرية الدائمة إلى كينونته لبنان المستديمة في حركة تركزت على الوحدة بين اللبنانيين، على المصالحة الداخلية ولا سيما مصالحة الجبل مع وليد جنبلاط، على نصرة القضية الفلسطينية وعلى الدولة المدنية وليس السلطة على الدولة، وهو في حركة الفراغ تولى رئاسة المجلس الوطني لحركة 14 آذار».
وأضاف حماده: «حلم سمير فرنجية بأشياء كثيرة، وانتقد أخطاء كثيرة، حلم بدولة ديموقراطية قوية من الداخل منفتحة على العروبة وعلى العالم تحمل رسالة القيم الإنسانية والسلام ونماذج العيش المشترك».
الكاتب والأكاديمي الفرنسي جان بيار بيران تحدث عن «الشخصية فاعلة في المسؤولية والعمل والفكر، والشخصية البركان وإن أوحت إليك بالهدوء، لا تسمح للأشياء الخطأ، تقول لا كبيرة ونعم للأشياء الإيجابية، ولم أجد لديه مرة شعوراً يُذكر بالكراهية. كان شخصية ثمرة التسامح والقناعات والمبادئ، والصداقة عنده تتجه نحو الأفكار المقبلة والتقدمية، لقد فقدنا مسرحاً للحياة، رحل السحر المشع، الرجل السياسي مثل حبّة«الألماس»».
الوزير طارق متري الذي بكى سمير فرنجية، تحدث مطولاً عن صفاته، «عن مجاميع قناعات ومبادئ شكل يوتوبيا خاصة مستوحاة من قيم الإخاء والعدالة والعيش الواحد والأمل ورفض الإحباط والبحث عن لبنان، وعن عالم مشرقي جديد مختلف كلياً عن العالم القديم».
وأضاف متري: «سمير رجل شجاع جداً، ثابت وراسخ في قناعاته، سياسي شغوف ولكنه صلب ويواجه الآخر بالعنف الثقافي ودائماً مأخوذاً بمعنى لبنان وبحث عن قوة العلاقات الإنسانية وأثرها في كتابه الذي يشبهه ويشبه لبنان وأوضاعنا «رحلة إلى أقاصي العنف»».
وختم متري: «سمير كان يعتبر أن الشرط الأساسي لبناء الدولة هو تحقيق المواطنة ويعتبر أن لا معنى لليبرالية لا تحترم الحرية الفردية وحقوق الإنسان، وكان مؤمناً بمسيرة علمنة الدولة وحداثتها ومؤمناً بالربيع العربي بعيداً عن لغة الربح والخسارة، وكان صاخب رغبة وعالماً في الصدمة مؤمناً بالتسوية على أساس الربط بين العدالة والسلم الأهلي، دعا كل الأفرقاء إلى العودة إلى الدولة الحديثة والمدنية العالمية الجديدة، قيم الدولة ذاتها وقيم العدالة والانتصار للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ولكل الأحرار في العالم».
زوجة الراحل السيدة فرنجية شكرت الجميع وقالت: «لو سئل سمير فرنجية عن حفل تكريم يحبه لأحب هذا اللقاء في صالون الكتّاب الفرنسي ومع أصدقائه الكتّاب وهو رجل مثقف ورجل كتاب وقارئ ممتاز»، وشكرت السفارة الفرنسية وميشال حاجي جورجيو، وهند درويش على صداقتهم الدائمة وجهودهما في تنظيم التكريم. وختمت: «أنا مدينة لسمير، أنا وفيّة لأفكاره». هذا في حين وقف نجله سامر فرنجية في آخر الصفوف الخلفية متابعاً مجريات اللقاء الفكري.
بعد الندوة عقدت طاولة نقاش أدارها ميشال حاجي جورجيو وتحدث فيها شوقي عازوري الطبيب النفسي عن البيئة السيسيكولوجية في فكر فرنجية واختباراته المدنية وفق المفاهيم الفلسطينية«In Frastructque» سواء من الماركسية أو الفرويدية، وهو شخصية يمكن تحليلها نفسياً بعبارة واحدة: «رجل اللاخضوع الدائم» لا يعترف حتى بفكرة الموت وحاول أن يدمره مراراً وهو شخصية تذهب من الذات إلى الآخر ويمثل العنف الثقافي في المكان وشخصية ساحرة (meurosocialisme).
البروفسور جلبير الأشقر تحدث عن مرحلة من التلاقي مع سمير فرنجية غنية بالأحداث، مميزاً بين العنف الايديولوجي والعنف الجسدي بالإشارة إلى عنف المحطات والثوارت والمواجهات من الستينات والسبعينات، وعن الحرب الأهلية متحدثاً عن فترة اليسار والتضامن مع القضية الفلسطينية ومواجهة أشكال العنف التي تفجرت فصولاً من الحرب الأهلية وعنف النظام العربي وعنف الإرهاب الإسرائيلي، مشيراً إلى الأهمية والاستمرارية عند سمير فرنجية في مجال القيم الديموقراطية، وقيم الحرية، وهو يرمز في جيله إلى ثورة ايديولوجية وفلسفية مسيحية بالمعنى النبيل للكلمة، وبمعنى اللاعنف والوفاء للأخوة، وهو لهذا رجل مثالي وحالم بربيع عربي وإنساني وبفصول كثيرة.
الدكتور فارس سعيد تحدث عن الرفيق والمعلم، «رجل الموهبة والإبداعية الفكرية والسياسية والمغامرة والشخصية المهجوسة بالتواصل والحوار والآخر ورجل أوراق الحوار والمواثيق والمبادرات في أوقات الأزمات».
وأضاف: «سمير يعرف جيداً معنى لبنان، ومعنى النموذج اللبناني على تعدديته وتنوّعه واللقاء الاستثنائي بين المسيحية والإسلام والمركب الإيجابي في الشخصية اللبنانية»، معرجاً على محطات جمعته بسمير وإن شكل في مجموعها جزءاً كبيراً من التحولات السياسية والاجتماعية والوطنية في تاريخ لبنان الحديث، مشيراً إلى أن «سمير هو من طلب إضافة بند إلى بيان المطارنة في قرنة شهوان عن الدعوة إلى انسحاب القوات السورية من لبنان بعد تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي».
أما زياد ماجد فتحدث عن المزيج الساحر في شخصية سمير فرنجية يجمع فيها بين البيك والرجل السياسي والمثقف، وتحدث عن معرفته بسمير فرنجية وتحديداً مرحلة التسعينات ومرحلة ما بعد الألفين، «وفي كل تلك المراحل كل سمير شخصية مركزية في خضم الأحداث والتحولات، وشخصية مرئية جداً في نضال اللبنانيين لبناء شخصية وطنية حرة ومثقفة وإنسانية وبنّاءة في محيطها الداخلي والعربي والعالمي».
ساعتان وأكثر مع سمير فرنجية ومع لبنان النموذجي والتعددي ولبنان الحرية وقضايا الدولة الحديثة والإنسان وفي نقاش مفتوح حول شخصية صارمة وبمخزون وطني هائل، وبتأثير ذاكرات شتّى، عززت إخلاص سمير فرنجية للوطن، وبقناعات استراتيجية هائلة وغير استهلاكية، وبثقافة عميقة تقرأ جيداً ما يجري حولنا والعالم.
ومن الصورة تعددية الحضور، بلاغة حضور سمير فرنجية في كتبه وطريقة الحياة، وثقافة الإحساس، وفي الفكر، والاختبارات الحيوية الوحدوية وفي الدينامية والعمل والمسؤولية والقرارات المفتوحة على التجربة المتجذرة والموصولة بالعالم وبقيم العالمية، نموذج لثورة لبنانية حقيقية ولكن تحت سقوف هادئة، وذات لبنانية لا ينتج الذات بل ذهبت إلى الآخر وإلى الأفكار المقبلة وكل ما يصنع حياة مقبلة وجماليات الشخصية التعددية والجمالية والواقعية التي كرست الكلمة من أجل صداقة لبنان، ولكن صداقة تقدمية حفرت عميقاً في عدم خضوعها للإحباط وضوءها يطلع من كل هذا العنف الثقافي ولكن الهادئ وبشفافيته الداخلية.

انه لحدث استثنائي أن يكون صالون الكتاب الفرنكوفوني بنسخته الرابعة والعشرين تحية لـ سمير فرنجية، المثقف الذي "اعتنق" الحوار كلغة أساسية للتفاهم مع الآخر.
عكست هذه الواحة الثقافية الفرنكوفونية أمس شخصية سمير فرنجية المكرم وموقعه، على ما تنص عليه كتاباته من قيم ساهمت في تكامل هذه الهامة الوطنية الإنسانية ذات البعد الفرنكوفوني.
صورة لفرنجية بالأبيض والأسود في أعلى سقف قاعة آغورا، المكان الذي احتضن حفل الافتتاح. بدا فرنجية كأنه يهتم بما يجري، لا بل يصغي لما ستكون عليه نشاطات الأجندة الثقافية في المعرض، الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي بالتعاون مع نقابة مستوردي الكتب في لبنان، والذي يستمر حتى 12 تشرين الثاني يومياً من العاشرة صباحاً الى التاسعة مساء في مجمع البيال.
كثر جاؤوا الى الافتتاح، الذي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون ممثلاً بوزير التربية مروان حمادة، ومشاركة كل من وزير الثقافة غطاس خوري ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، والنائب عاطف مجدلاني ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجمع من سفراء الاتحاد الاوروبي وعدد من النواب.
سجلت ايضاً مشاركة لافتة من وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين، حيث القت كلمة ركزت فيها على سلسلة مبادرات تهدف الى تعزيز دور الفرنكوفونية من خلال تسهيل عمليات التبادل بين الشعبين"، "معتبرة " أنها مهمة لدينامية الفرنكوفونية".
وركزت ايضاً "على دور العالم الرقمي، الذي يشكل في ذاته فرصة جديدة لتبادل المعلومات المفيدة في المنصات الرقمية المبنية، على مضامين وفرص تدريبية مفيدة جداً". وشددت نيسين على "النشاطات الثقافية في المدارس"، مشيرة الى أنها "ترغب في تعميم ممارسة الفنون لا سيما في عالمي الموسيقى والمسرح في المدارس وتحديد برامج هذه النشاطات ضمن ساعات أسبوعية يستفيد منها تلامذة فرنسا من صفوف الحضانة الى البكالوريا".
ولفتت الى أهمية "تبني هذه البرامج في المؤسسات التربوية، التي تعتمد البرامج التربوية الفرنسية في لبنان". ولم تستثن فن التواصل "كركيزة رئيسية لنشر الفرنكوفونية"، داعية "الى ترجمة ذلك من خلال اعداد حملات داعمة لتحقيق هذه الغاية ومن خلال نشاطات تشجع نحو هذا المنحى".
وخصت جانباً من كلمتها لدور الترجمة بين البلدين، مشيرة "الى انها ستبقى على اتم الاستعداد لتقوية الحوار بين لبنان وفرنسا من خلال لغة أخرى تظهر من خلال دور الترجمة في تواصل الناس وتفاهمهم مع بعضهم الآخر. وأعلنت ان "تطوير هذا العلم في ذاته"، معتبرة أنه "جسر عبور لتفاهم بين المجتمعات وتحديد الآفاق المتوقعة تمهيداً لتموضع هذه البيئات الاجتماعية في مكان مناسب لها".
أما وزير الثقافة غطاس خوري، فأكد في كلمته "أننا سنسعى إلى إلغاء الرقابة على كل أشكال الإنتاج الثقافي، وإلى تعزيز قوانين حماية الملكية الفكرية". وأكد إستعداد "وزارة الثقافة لافتتاح المكتبة الوطنية في أقرب وقت، بحيث تشكّل صرحاً فريداً لعرض الإنتاج الأدبي اللبناني، وتسهّل وصول الكتاب إلى أيدي أكبر فئة من الشعب اللبناني".
وتوقف عند أختيار منظمي المعرض لإحياء ذكرى الصديق سمير فرنجية كعنوان لمعرضكم، هذا التكريم لرجل من بلادي، من لبنان... وقال: "نحن ممتنّون لمبادرتكم هذه، فسمير صديق عزيز، نفتقد لحركته وحكمته وابتسامته الهادئة كثيراً وسط صخب السياسة اللبنانية هذه الأيام... سمير الإنسان المتواضع، المحب، إنه ليس البيك الأحمر، كما أُطلق عليه، هو الذي تشعّ من عينيه ألوان الأمل والمحبة والسعي لغدٍ أفضل".
وكانت كلمة رئيس نقابة مستوردي الكتب في لبنان مارون نعمة تحدث فيها عن دور بائع الكتب في التحكم بتنمية الثقافة عند القارىء او المستهلك وتوجيهها نحو الوجهة الأصلح في حياة الانسان.

يعود معرض الكتاب الفرنكوفوني من جديد هذا العام بنسخته الرابعة والعشرين مكرما سمير فرنجية في البيال، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومشاركة وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسان.
الجديد هذه السنة، هو البعد الاحتفالي كما أوضحت مديرة المركز الفرنسي في لبنان مستشارة التعاون والعمل الثقافي السيدة فيرونيك اولانيون لـ"النهار". "طبعا هناك التواقيع وننتظر كتاب عالميين ولقاءات ومحاضرات وهذا اختصاص المعرض وهويته ولكن هذه السنة أردنا بعدا احتفاليا مميزا اذ سيتخلل المعرض العديد من الحفلات الموسيقى والمحترفات منها المخصص للطبخ ولقصص الأطفال وغيرها، أردنا معرضا متحركا يفاجىء الحضور بمضمونه".
"ولهذا العام تحية لسمير فرنجية الكاتب ورجل الحوار، وبما ان الكتاب فسحة حوار وتعبير، اذا من الطبيعي ان نعطي مكانا لتكريم سمير فرنجية بعد غيابه. ويتضمن المعرض هذا العام صالة سينما صغيرة وسنستضيف المخرج سيريل ديون الذي سيقدم كتابه وسنعرض الفيلم "بكرا"وحوار معه ومع فيليب عرقتنجي الذي سيقدم الفيلم بنسخة عربية. ونحاول هذا العام خلق روابط بين عالمي الكتاب والسينما لالتقاء الناس. في جناح المعهد الفرنسي عرض رسم وحفلة موسيقية تكريم لجوزيفين بيكر. لدينا نشاطات لجميع الاذواق ونحاول ان نشرك اكبر عدد وإيجاد الوقت الكافي لكل نقاش. سيحضر العديد من الكتاب منهم دلفين مينوي، وحوار عن مجموعة تحافظ على الكتب في سوريا ونستضيف اكبر غاليري “فن الشارع” في باريس وكذلك اريك إيمانويل شميدت وليلى سليماني، و"خيار الشرق" الى اُمسية للشعر مع صلاح ستيتيه. ويتضمن المعرض العديد من الاعمال مع الأطفال والشباب وكل صباح لقاءات مع تلاميذ المدارس".
وقالت ان الوضع في الشرق الوسط هو من ابرز مواضيع الحوار في المعرض، وهناك البيئة وحقوق المرأة وفن الشارع، "نختار كل ما هو جيد وليس بالضرورة مواضيع معينة. الفكرة هي خلق مساحة حوار للجميع، انه معرض فرنكوفوني للعموم اهميته دعم الكتّاب الفرنكوفونيين في لبنان حيث تشير الإحصاءات ان اللبنانيون يشترون ٤ مرات الكتب اكثر من المغرب مثلا. في البداية كان التركيز على الشباب، والعام الماضي دخل الى المعرض ٨٠ الف زائرا منهم ٢٠ الف تلميذ من مدارس فرانكوفونية، هناك مدارس لن تتمكن من المجيء لذلك سنذهب نحن اليهم، مثلا النبطية وتبنين والشوف والبقاع وطرابلس وجونيه لنغطي كل لبنان وننوع في المدارس، وهذا ما يجعل معرضنا مختلفا اذ انه ليس فقط للمحترفين، إنما للجميع. المعرض ستفتحه وزيرة الثقافة الفرنسية وهي كانت مديرة دار نشر "اكت سود" وساهمت هذه الدار في العديد من الترجمات الى العربية والفرنسية لتعرف الكتَاب على ثقافات مختلفة، وقالت ان ثلثي الترجمات من اللغة الفرنسية الى العربية تحصل في لبنان".
وعن إمكانية تغيير شكل المعرض وكيف تتوقع مستقبله قالت ان فرنسا متعلقة بالمعرض اولا لدعم الكتَاب الفرنسي، وان ٩٠ في المئة من دعم الكتاب تذهب لهذا المعرض، "نشعر انه مهم بالنسبة للحياة الفرنكوفونية في لبنان لذلك يأتي الكتاب الفرنسيين بفرح، وحاليا تمويل دور النشر اصبح اقل منه في السابق بسبب الضائقة الاقتصادية، وننتظر تمويلا اكبرا من قبلنا، نبحث كيفية تطوير المعرض بذات النوعية، ونحن متمسكون به ومن المؤكد انه سيستمر ولكن نفكر بطريقة فضلى لذلك. اليوم العديد يطلبون التنويع نتمنى العمل مع شركائنا في طريقة تعاون اقتصادي أفضل، نحن نختار البرنامج ونتمنى اهتمام المعنيين بالتنظيم، المعرض سيستمر ولكن بجب ان نجد إطار جيدا له، خصوصا انه موعد مهم حول القراءة مع الشباب وفسحة حوار بنوعية جيدة، الى بعده العالمي مع حضور كتاب عالميين فرانكوفونين وهي عناصر أساسية لنجاحه.
ما هي اهمية هذا الصالون ذي الهوية الفرنكوفونية؟ هل هو ضرورة؟
طبعا للمعرض تأثير على الصعيد الاقتصادي ولكن لا ارقام لدينا من الناشرين، ولكن لا شك انه مكان تلاقي بين الناشرين وبين الكتاب، والـ ٨٠ الف زائرا يجعلونه المعرض الفرنكوفوني العالمي الثالث بعد مونتريال وباريس وهذا يعني انه ناجح نظرا لعدد المشاركين والمهتمين. وننتظر هذا الموعد سنويا لللقاء، هناك العديد من النشاطات الثقافية في لبنان ولكن لا يوجد الكثير تشبه هذا الموعد حيث يعبر الجميع بحرية مطلقة.

ينطلق اليوم صالون الكتاب الفرنكوفوني في دورته الرابعة والعشرين (برعاية الرئيس اللبناني ميشال عون، وبحضور وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين)، مؤكّداً الشراكة الفرنسية - اللبنانية في ظلٍّ تفكّك تعيشه دول المنطقة العربية الواحدة جرّاء صراعاتٍ بعضها سياسي وبعضها الآخر طائفي. ولأنّ الكتاب يجمع المتناقضات ويوحّد الاختلافات، نهض المعرض الفرنسي في قلب بيروت المدمرة، عام 1992، ليُعيد بناء معايير إنسانية حطّمتها حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً. وبعدما استحال المشروع الطموح موعداً ثابتاً في الحياة الثقافية اللبنانية، ظلّ المعرض مستمراً في سعيه وراء تعزيز قيمٍ أرستها الفرنكوفونية منذ نشأتها. وليس ثبات الصالون الفرنكوفوني حالة بديهية في وطنٍ تتبدّل فيه الحوادث كلّما تبدلّت عقارب الساعة. بل إنّه واجه خلال الأعوام الماضية تحديات كثيرة، تبدأ بالأوضاع الأمنية غير المستقرة ولا تنتهي بغلاء المعيشة وتراجع دور اللغة الفرنسية وهيمنة الثورة الرقمية والتكنولوجية بهويتها الأميركية.
يستضيف الصالون (4 حتى 12 من الشهر الجاري) عدداً من الكتّاب الفرنسيين والفرنكوفونيين منهم: ليلى سليماني، الحائزة جائزة غونكور عن «أغنية ناعمة» (غاليمار)، صلاح ستيتيه، اريك ايمانويل شميت، شريف مجدلاني، هنري لورنس، جورج كورم، دارينا الجندية وغيرهم، إضافة الى كتّاب عرب تُرجمت أعمالهم الى الفرنسية مثل جبّور الدويهي «طبع في بيروت» (الساقي/ أكت سود) وايمان حميدان «خمسون غراماً من الجنة» (الساقي/ فيرتيكال). وفي هذا السياق، التقينا ألكسندر لوماسون، الرئيس الجديد لمكتب دعم الكتاب في المعهد الفرنسي في بيروت، وهو اللقاء الأول له منذ تسلّم منصبه قبل شهر تقريباً ليُحدثنا عن المعرض وضيوفه وتحدياته ومعنى الفرنكوفونية اللبنانية ومشاريعها المستقبلية...
> بداية، ما هو دور مكتب دعم الكتاب في الصالون الفرنكوفوني؟ ولماذا تأتي الدورة الحالية منه بلا شعار كما كان سائداً في الأعوام السابقة؟
- فريقنا هو المسؤول عن البرمجة وعن التنظيم المادي والميداني لصالون الكتاب الفرنكوفوني في بيروت منذ نشأته في العام 1992، بالتعاون بين لبنان وفرنسا. في الدورات السابقة، اعتاد المعرض اختيار عناوين معينة تعبيراً عن سياقه، لكننا ارتأينا هذا العام أن نختار اسم سمير فرنجية شعاراً للمعرض. هذه الشخصية التي رحلت عن عالمنا العام الماضي خلّفت وراءها الكثير من المعايير الأخلاقية والمفاهيم الثقافية التي يصعب اختزالها في شعار واحد. حين نقول سمير فرنجية نعني المعرفة والتبادل والثقافة والحرية والأصالة والانفتاح... اسمه هو اختصار لكلّ المعاني الإنسانية التي تهدف اليها الفرنكوفونية وبالتالي المعرض الفرنسي في لبنان.
> قبل عام على الاحتفاء بمرور ربع قرن على انطلاق صالون الكتاب الفرنكوفوني، كيف تقوّمون هذا المشروع الثقافي؟ وهل تعتقدون أنّه حقّق فعلاً الأهداف التي قام لأجلها؟
- خرج صالون الكتاب الفرنكوفوني من رماد الحرب الأهلية ليعيد بناء مفاهيم هدّمتها الصراعات الطائفية والحزبية، مؤكداً أهمية الكتاب الفرنكوفوني، الذي صار غائباً بسبب قتالٍ داخلي خلط الأوراق وبدّل الاهتمامات. صار المعرض موعداً ثابتاً في المشهد الثقافي اللبناني، واستطاع جذب عدد كبير من القرّاء والطلاب الفرنكوفونيين، والأرقام تشير الى ارتفاع نسبة الإقبال على المعرض. العام الماضي مثلاً وصل عدد زوّار الصالون الى 80 ألف زائر. وهذا الرقم كفيل بأن يترجم مكانة الصالون وتأثيره ونجاحه في تحقيق ما أراده ذات يوم.
> هل يمكن معارض الكتب أن تُحدث تطوراً معيناً، في مجتمعات تشتعل بنيران حروبها وصراعاتها التي لا تنتهي؟
- الثقافة هي الردّ الوحيد على العنف. لا شيء يجدي كما تفعل الكتب. التغيير الحقيقي يبدأ من الكتاب فقط. الأوضاع في الدول العربية صعبة جداً والظروف التي مرّ بها لبنان خلال العقود الأخيرة قاسية، لكنّ المعرض الفرنكوفوني- إضافة الى معارض لبنانية وعربية أخرى- ظلّ يناضل من أجل إبقاء الكتاب قيمةً أساسية في المجتمع. وإذا عدنا الى إحصاءات الأعوام الماضية، نجد أنّ الصالون استقطب آلاف الزوّار من انتماءات ومناطق وطوائف مختلفة، شاركوا جميعهم في احتفالية ثقافية واحدة نجمها الكتاب.
> الأرقام مبشرّة، لكنها لا تخفي حقيقة أنّ الفرنكوفونية اللبنانية تعيش تراجعاً ملحوظاً أمام طغيان الإنكليزية جرّاء التطور الرقمي بصبغته الأميركية. هل اللغة الفرنسية في خطر؟
- تعيش اللغة الفرنسية تحديات أكيدة، لكنّها ما زالت حاضرة بقوة في لبنان. ثمة 20 مليون يورو يدفعها اللبنانيون على الكتب الفرنسية، سنوياً، ما يعني أنّ اهتمام اللبناني مستمرّ بهذه اللغة التي تُشكّل جزءاً من ثقافة الفرد اللبناني. ولكن من المهم القول أيضاً أن الصالون الفرنكوفوني لم يكن هدفه الحفاظ على اللغة الفرنسية فقط، وإنما تعزيز مفاهيم الفرنكوفونية من الثقافة والحرية والفكر الى التبادل والمشاركة والانفتاح. وهذا ما استطاع تأكيده صالون الكتاب على مدار سنوات، فاستحقّ أن يكون معرضاً ثقافياً مهماً في لبنان، بل المعرض الفرنكوفوني الثالث عالمياً بعد باريس ومونتريال.
> نردّد دائماً هذا الكلام. ولكن، ماذا يعني أن يكون هو المعرض الثالث فرنكوفونياً؟ وما هي معايير هذا التصنيف؟
- هذا الأمر تحدده أمور معينة، منها عدد الزوّار ونسبة المبيعات ومشاركة الكتّاب ودور النشر والمكتبات. والأهمّ أنّ معرض بيروت الفرنكوفوني يتميز بخاصتين، أولاً اهتمامه بأدب الفتيان وثانياً اللقاءات والندوات. ففي الشق الأول، عهد المعرض استقبال أعداد غفيرة من الأطفال والفتيان وتلامذة المدارس، الذين نسعد جداً بحضورهم ونعتبرهم أساساً لنجاح أي معرض لأنهم هم قرّاء المستقبل، وإذا نجحنا في غرس أهمية الكتاب في أذهانهم فهذا يعني نجاحنا في إيصال الرسالة الأساسية من وراء المعرض الذي يحمل قيم الفرنكوفونية. ووفق إحصاءات العام الماضي، زار المعرض 22 ألف طفل، وهو رقم محفّز ومبشّر جداً. أمّا في ما يخصّ الندوات، فيمكن القول إن الصالون الفرنكوفوني في بيروت هو الأول من حيث التظاهرات الثقافية التي يقيمها على امتداد أيام المعرض، إذ يستقطب عدداً كبيراً من الكتّاب ويقدم ندوات ثقافية تُفعّل أهمية الحوار والتبادل الفكري بين الجميع. ويضمّ برنامج الدورة الحالية من الصالون 200 نشاط ثقافي، تتنوع بين طاولات مستديرة ونقاشات وندوات وتوقيعات.
> تعتبر الترجمة من اللغة الفرنسية إلى العربية والعكس من ضمن مهامكم في مكتب دعم الكتاب. كيف تقوّمون واقع الترجمة؟ وهل تعملون على تطويرها من خلال زيادة الكتب المترجمة من الفرنسية وإليها؟
- لا شك في أن الترجمة مهمة جداً وتلعب دوراً ثقافياً مؤثراً، بالنسبة الى البلدين. وإذا أردنا تقويم الوضع عبر الأرقام، نجد أنّ 60 في المئة من الكتب المترجمة في لبنان هي من اللغة الفرنسية الى العربية. وهذا يدلّ على أهمية الكتاب الفرنسي عند القارئ العربي. الناشرون اللبنانيون لديهم سمعة جيدة، إن من ناحية المهنية أو قيمة الترجمات، لذا فإنّ الكتّاب والناشرين الفرنسيين يهتمون بأن تُعرّب أعمالهم في لبنان ويعتبرون هذا البلد أساساً في نقل أدبهم إلى العالم العربي. وأعتقد أنّ الترجمة هي ركن أساسي في منظومة الفرنكوفونية، لأنّ التبادل الذي يحمله الفرنكوفونيون لواءً لهم ليس مجرّد شعار وإنما ذهنية أو الأصح قولاً ثقافة يجب أن تُعزّز واقعاً عبر الترجمة أولاً.
> وفي المقابل، هل ثمة اهتمام فرنسي بالأدب اللبناني أو العربي بعامةٍ؟
- فرنسا تهتم بالأدب العربي، وهي - وفق الإحصاءات- المركز الأول لترجمة الأدب العربي. ولكن علينا أن نسعى أكثر من أجل مزيدٍ من الاهتمام، ولا بدّ من إيجاد صيغ أخرى تعيد ترتيب هذا الأمر وتجدّد الحوار بين فرنسا والعالم العربي. ففي 2016، تُرجمت عشرة كتب فقط من اللغة العربية الى الفرنسية (خلال الموسم الأدبي في فرنسا)، وهو رقم ضئيل جداً قياساً مع حركة النشر والكتابة العربيتين. لذا علينا أن نثير انتباه الناشر الفرنسي الى الكتاب العربي وأن نعمل على تخليص القارئ الفرنسي من انطباعاته المغلوطة وأحكامه المسبقة. وأنا لا أتكلم هنا عن لبنان الذي تجمعه بفرنسا علاقة صداقة تاريخية، وإنما عن اللغتين العربية والفرنسية. وفي افتتاح الصالون، ستحضر وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين، التي كانت تدير «أكت سود»، وهي من أكثر الدور الفرنسية المهتمة بنشر الترجمات العربية. هي تهتم بالترجمة وستعمل على تعزيز هذا الأمر. ثمة مخطط طموح من أجل تحفيز الترجمة في اتجاهيها، وآمل فعلاً بأن ننجح في إنشاء علاقة جديدة ترسم أفقاً مغايراً عبر مشاريع ثقافية مشتركة.
> هل يمكن أن تحدث شراكة معينة بين الصالون الفرنكوفوني اللبناني ومعرض بيروت الدولي للكتاب كمشروع للتقارب أو ربما التحاور بين الثقافتين الفرنسية والعربية، لا سيما أن المعرضين يجمعهما مكان واحد ضمن مساحة زمنية قصيرة جداً؟
- ثمة مشروع عمل جادّ من أجل تطوير الصالون الفرنكوفوني في بيروت وتوسيع أفقه بغية جذب أكبر عدد من الزوّار، من كلّ شرائح المجتمع اللبناني. الهيكلية لم تكتمل طبعاً، لكننا في مرحلة الدراسة والنقاش والبحث عن الطرق التي يمكن أن تطوّر هذا المعرض من دون المساس بهويته الفرنكوفونية طبعاً.

راكيل عتيِّق- جريدة الجمهورية: عد انطلاق موسم معارض الكتب في بيروت لهذا العام بمعرض الكتاب الفرنكوفوني الذي أقيم الشهر الفائت، عشّاق الكتب والثقافة والأدب على موعدٍ مع الدورة الـ 60 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، من 1 إلى 14 كانون الأوّل 2016 في «البيال» في وسط بيروت. مشهدية ثقافية سنوية تُكرّر نفسَها للمرّة الستّين من دون تقديم أيّ جديد إلى جاب التواقيع، المحاضرات والندوات، وبعض النشاطات الفنّية. إلّا أنّ الأساس يبقى بأنّ بيروت ستظلّ حاضنةً للكتاب، ومصَدّرة للثقافة.يشارك في المعرض هذا العام 180 دار نشر لبنانية و75 دار نشر عربية، و3 دول عربية إلى جانب لبنان، هي: الكويت، سلطنة عمان وفلسطين، إضافةً إلى عدد من المؤسسات الرسمية الدولية والعربية و4 جامعات لبنانية.
وإلى جانب إصدارات دور النشر الجديدة والتواقيع والندوات والمحاضرات التي تنظّمها بمناسبة المعرض في حقول الفكر والثقافة والتربية والتاريخ والأدب والسياسة، فإنّ لمنظِّم المعرض النادي الثقافي العربي برنامجاً ثقافياً خاصّاً يتضمّن مجموعة متنوّعة من المحاضرات والندوات والأمسيات التكريمية والفنّية.
البرنامج
يُفتتح معرض بيروت العربي الدولي الـ 60 للكتاب، عند الرابعة من بعد ظهر الغد في البيال برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام.
وينظّم النادي الثقافي العربي خلال المعرض الذي يمتدّ لأسبوعين ندوات حول:
«التواصل بالعربية حوار بين المعلّم والمتعلّم»، يوم الثلاثاء 6 كانون الأوّل، عند الثانية عشرة ظهراً.
وندوة حول برامج «التوك شو السياسي وبعد..»، بمشاركة الإعلاميين بولا يعقوبيان، وليد عبود، جورج صليبي وعماد مرمل، وتقديم: د. نديم المنلا، يوم السبت 10 كانون الأول، عند السادسة مساءً.
كما ينظّم النادي أمسيتَين فنّيتين: الأولى «سيدر زيتون تغنّي سميح القاسم» بعنوان «أعيش اشتياقاً»، مع فرقة لبنان السلام بقيادة المايسترو إحسان المنذر، يوم الجمعة 9 كانون الأوّل، عند السادسة مساءً.
والثانية بعنوان «الموسيقى العربية ستّون عاماً في رحاب النادي الثقافي العربي»، يحييها عزفاً على البيانو والأورغ المؤلف الموسيقي د.نبيل جعفر، وعلى الناي سناء شباني، يوم الثلاثاء 13 كانون الأوّل، عند السابعة والنصف مساءً.
كما يقيم النادي لقاءَين تكريميَين، الأوّل لمركز سرطان الأطفال في لبنان «سانت جود»، بمشاركة الوزير وائل ابو فاعور، د.محمد صايغ والسيّدة نورا جنبلاط، تقديم د.فيصل القاق، يوم الثلاثاء 6 كانون الأوّل، السادسة مساءً. والثاني لمديري مدارس تربوية مميّزة، يوم الأربعاء 8 كانون الأوّل، عند السادسة مساءً.
وللقراءات المسرحية مساحة أيضاً في المعرض مع « تيكي تاكي» لفرقة تكتيك، إخراج ساري مصطفى، بالتعاون مع جمعية القلم الثقافية Lebanon Pen، يوم الأحد 11 كانون الأوّل، عند السادسة مساءً.
المؤتمر الصحافي
وكان قد تمَّ الإعلان عن الدورة الستّين لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب خلال مؤتمر صحافي عَقده النادي الثقافي العربي، بالتعاون مع نقابة اتّحاد الناشرين في لبنان، يوم أمس في مقرّ نقابة الصحافة، بمشاركة نائب نقيب الصحافة، رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» جورج سولاج، رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم، نائب رئيس نقابة اتّحاد الناشرين في لبنان نبيل عبد الحق والمدير العام للمعرض سميح البابا، وفي حضور عدد من الناشرين المشاركين في المعرض، والإعلاميين.
سولاج
بدايةً، رحّب سولاج بالحاضرين في نقابة الصحافة، وأشار في كلمته إلى «أننا نَسمع بحُزن أن لا أحد يريد حملَ حقيبة وزارة الثقافة، والكلُّ يتهرّب منها، كما أنّه يُنظر إليها على أنّها وزارة هامشية ولأصحاب الأحجام الصغيرة».
واعتبَر أنّه «في اليوم الذي يأتي ونَشهد فيه تهافتاً على وزارة الثقافة، نكون قد وضَعنا المدماك الأساسيّ لبناء دولةٍ حضاريةٍ حديثةٍ، طالما حَلمَ اللبنانيون بها وناضَلوا من أجلها».
ولفتَ سولاج إلى أنّ «النادي الثقافي العربي واتّحاد الناشرين في لبنان، بإصرارهما على مواصلة جهودهما من اللحم الحيّ، إنّما يصِرّان على
إضاءة شمعةٍ في ظلام هذا الوطن العربي».
تميم
ومن ثمّ، عرَض تميم لأبرز فعاليات المعرض، مشيراً إلى أنّ البرنامج الثقافي الحافل لمعرض الكتاب يرافقه معرض موسّع للفنّ التشكيلي، تَشترك فيه مجموعة من الفنّانين والفنّانات، ويقام في الطبقة السفلى في الباحة المقابلة لقاعتَي المحاضرات في البيال.
عبد الحقّ
وتحدّثَ عبد الحق باسمِ نقابة اتّحاد الناشرين في لبنان، ورأى أنّه «في زمنٍ بدا أنّ الكتاب المطبوع يجتاز مرحلةً صعبة مضطرّاً إلى سباق مع الإلكترونيات، نرى أنّ مسيرة 5 آلاف سنة من الكتابة لا يمكن أن تؤثّر عليها مسيرات مرحلية، ولا يمكن أن يزيحَها إقبالٌ شبابيّ على التأقلم مع العَولمة والتكنولوجيا التي يتقارب ضررُها مع الحاجة إليها. فالثورة الثقافية الجديدة لعالمنا الحالي بحاجة إلى ضبطِ تداعياتها على المفاهيم الإنسانية والأخلاقية التي ورثَتها الأجيال الجديدة عبر الكتاب».

تحتضن بيروت على مدار السنة معرضين ثابتين للكتاب، أحدهما عربي والثاني فرنكوفوني. هذان المعرضان يؤكدان بمواعيدهما الثابتة (خلال الشهرين الأخيرين من السنة)- ولو نظرياً - أنّ الكتاب ما زال متنفساً عند اللبنانيين الذين بدأوا يختنقون نتيجة روائح النفايات وأزمات السياسة واستشراء الفساد. هكذا، يعود صالون الكتاب الفرنكوفوني (من 5 إلى 13 الشهر الجاري) في دورته الثالثة والعشرين بعنوانٍ دالّ «نقرأ معاً»، كُتب بالألوان - وللمرة الأولى - باللغتين العربية والفرنسية. كأنّ المعرض يجاهر بنيّة تخليص هويته من الصفة النخبوية ومنح نفسه مواصفات المشاركة والانفتاح على القارئ الآخر، وإن بلغات أخرى. وما نستدلّ عليه عبر دلالات المعية في الشعار الحالي «نقرأ معاً» (ضمير المتكلّم الجمع ومعاً الظرفية)، نلمسه فعلاً عند زيارة المعرض الذي تتجاور فيه الكتب الفرنسية والعربية مثلما تتقابل منصات المكتبات اللبنانية والفرنكوفونية.
هذا الانفتاح على العربية - لغةً وثقافةً - رافق الصالون في دورته الماضية حينما شاركت دور نشر ومكتبات عربية في المعرض عبر كتبها المترجمة من الفرنسية وإليها، غير أنّها اتخذت هذه المرة شكلاً أكثر اكتمالاً. لا يشعر الزائر بهذا التحوّل الاستراتيجي في بنية صالون الكتاب الفرنكوفوني في بيروت من خلال مشاركة الدور أو المكتبات العربية الى جانب الفرنسية فحسب («أنطوان»، «لوبوان»، «اسطفان»، «فيرجين»، «سوريد»، «لوريان ليترير»، «المعارف»، و«درغام»، «غوتنر»، «الجديد» و»الساقي»... )، لكنّ الكتّاب العرب هم أيضاً مدعوون إلى ندوات وقراءات وتواقيع كتبهم، وإن كانت بترجمتها الفرنسية. السوري خالد خليفة يوقّع «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»، والعراقي أحمد السعداوي «فرانكشتين في بغداد» الحائزة جائزة البوكر العربية عام 2014.
الكتّاب اللبنانيون (الناطقون بالعربية) يتحاورون مع الكتاب اللبنانيين الفرنكوفونيين، فتختلط أسماء جبور الدويهي (حي الأميركان)، عبده وازن (قلب مفتوح)، عقل العويط (الهاربة)، إيفانا مرشيليان (أنا الموقع أدناه محمود درويش)، مع أسماء مثل جورجيا مخلوف (طعم الحرية)، هيام يارد (كلّها هلاوس)، أنطوان عساف (الجندي، المحارب، الشهيد)، شريف مجدلاني (نظرة على النشر في العالم العربي)...
قد يرى بعضهم في هذه الخطوة محاولةً لمنح المعرض الفرنكوفوني جمهوراً أوسع بعد تقلّص نسبة الفرنكوفونيين أمام الزحف الأنغلوفوني الهائل. لكنّ منظميه (المعهد الفرنسي التابع للسفارة الفرنسية في لبنان ونقابة مستوردي الكتب) يؤكدون أنّ شعار «نقرأ معاً» ليس إلاّ تكريساً لوجه من وجوه الفرنكوفونية التي لا تحقّق مبتغاها إلاّ عبر الانفتاح والتبادل والمشاركة. المعرض الفرنكوفوني لم يُغيّر جلده إذاً، وإنما اختار العودة بحلّة جديدة قد تُضاعف نسبة مرتاديه وتجعله يستحقّ حقاً مرتبته المتقدمة بين المعارض الفرنكوفونية، الثالث عالمياً بعد فرنسا وكندا.
دعم فرنسي
شكّل حضور وزيرة الثقافة الفرنسية أودري آزوليه مفاجأة الافتتاح، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها وزير ثقافة من فرنسا في معرض بيروت الفرنكوفوني. وكانت أعربت في كلمتها، عن سعادتها بانطلاق الصالون وسط أجواء إيجابية خلّفها انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد سنتين من الفراغ الرئاسي.
وأكّدت دعم فرنسا الدائم والمتواصل للبنان الذي قدّم كثيراً للثقافة بوجهيها العربي والفرنكوفوني. وأعلنت أزولاي عن جائزة فرنسية خاصة تقدمها حكومتها الفرنسية عام 2017، لأفضل كتاب مترجم - من الفرنسية الى العربية أو العكس - ضمن سياق دعم حركة الترجمة التي تراها أساساً في تقدّم المجتمعات وتطورها.
يشارك في الصالون نحو 90 كاتباً فرنسياً وأكثر من مئة كاتب عربي وفرنكوفوني، من بينهم ثلاثة روائيين سبق أن فازوا بالجائزة الأدبية الأعرق فرنسياً: بول كونستان (1998 عن «لعبة البو»)، لوران غوديه (2004، «شمس آل سكورتا»)، بيار لومتر (2013 عن «إلى اللقاء، هناك في الأعلى»)، إضافة الى أسماء أدبية مهمة مثل سيلفي جيرمان ونتالي آزولاي، وكاتبين من سويسرا، آن دانييه وكارول كوتو، يوقعان «الرقص المعاصر في سويسرا: 1960 - 2010»، والفنان البلجيكي الأشهر عالمياً في مجال الرسوم المتحركة جان فان هام وغيرهم...
ولمّا اعتاد الصالون اختيار دولة أو لجنة أو دار تحلّ ضيف شرف على المعرض، فهو ارتأى في دورته الحالية تكريم الشاعر والباحث والديبلوماسي اللبناني - الفرنكوفوني صلاح ستيتية، فحل ضيف الشرف وقدم في اليوم الأول محاضرة بعنوان يُرسّخ تيمة المعرض: «العربية والفرنسية: حوار لا مفر منه»، أعقبها في اليوم التالي ندوة بعنوان «تراجيدية المتوسط اليوم: أسئلة وآفاق»، ومن ثمّ قراءة شعرية من ديوانه «الصيف بغيمة كبيرة». وقد يكون احتفاء الصالون بصلاح ستيتية في مثابة احتفاء بالشعر نفسه، الذي يواجه تهديداً من أنواع إبداعية أخرى، والرواية في مقدمها، حتى بات من ضمن الأنواع الأقلّ مبيعاً.
جوائز وفنون
وكما جرت العادة منذ خمس سنوات، يُعلن خلال برنامج الصالون الفرنكوفوني اسم الفائز بجائزة «لائحة غونكور/ خيار الشرق»، التي تنظمها «الوكالة الجامعية للفرنكوفونية»، بالتعاون مع «المعهد الفرنسي». وتأتي النتيجة يوم الجمعة (11-11) بعد مشاركة طلاب الأدب الفرنسي من جامعات في لبنان ومصر والعراق وفلسطين والإمارات وجيبوتي والسودان وغيرها، علماً أن الرواية الفائزة ضمن لائحة غونكور الطويلة. ويمنح الفائز بالجائزة دعوة للمشاركة في الصالون السنة المقبلة، إضافة الى ترجمة الرواية الفائزة إلى العربية. وهذا ما تحقّق هذا العام للكاتبة الفرنسية نتالي أزولاي التي فازت العام الفائت بـ«غونكور الشرق» عن روايتها «تيتوس لم يكن يحب بيرينيس»، وقد خرجت بالعربية عند افتتاح المعرض عن دار الفارابي.
ليس التنوّع اللغوي هو عنوان المعرض الرئيس، بل شكّل تنوّع التيمات واختلافها ملمحاً مميزاً من ملامح الدورة الحالية. وربما أدرك الصالون الفرنكوفوني، قبل المعرض العربي (ينطلق الشهر المقبل) أنّ التحديات التي يواجهها الكتاب الورقي تتطلّب ثورة جدية في شكل المعارض إن لم نقل في هويتها. فالزائر لم يعد يكفيه التجوّل في صالات كبيرة تتوزّع الكتب على منصاتها، بل يحتاج إلى ما يُمتعه ويُقنعه بأنّ زيارة المعرض تختلف عن زيارة المكتبة. من هنا بدأ الصالون الفرنكوفوني الاهتمام بفنّ الرسم والتصوير والتوثيق، وشهدنا خلال دورات ماضية معارض فنية كثيرة أقيمت على هامشه، بيد أنه يُقدم هذا العام اهتماماً أكبر بهذا الشقّ، فاحتوى معرض «ارسم لي البحر الأبيض المتوسط» الذي نظمته «كارتونينغ فور ليبانون»، إضافة إلى جدارية ضخمة في خلفية جناح «أغورا» قدمتها جامعة «الألبا».
ويترافق الاحتفال بالكتب مع احتفالية خاصة بالمسرح والسينما، بحيث تُعرض ثلاثة أفلام وثائقية منها فيلم حول صلاح ستيتية، بينما أقيمت طاولات مستديرة تناقش قضايا المسرح ومن ضمنها لقاء جمع المسرحي روجيه عساف (وقّع موسوعته الفرنسية «المسرح في التاريخ») مع إنزو كورمان ومحمد قاسمي وهلا مغنية حول «مسرح التاريخ» و «مسرح اليوم».
صالون الكتاب يدعو إلى القراءة معاً بعدما كان رمزاً لقراءة نخبوية انعزالية تخصّ فئة إن لم نقل طبقة معينة من اللبنانيين. فهل يمكن الفرنكوفونية أن تمدّ جسور الشراكة مجدداً بين العربية والفرنسية؟ الجواب رهن الدورات المقبلة.

في صالون الكتاب الفرنسي كان التعريف عن هذه التحفة التراثية التي مضى فيها روجيه عسّاف كأركيولوجي عتيق، ينقّب في الحضارات القديمة بحثاً عن الضائع والمنسي، على ما أصبح عبر الأزمنة جسور تواصل بين الشعوب.
في مستهل اللقاء كان نص طريف بعنوان، "حوار متشائم" من زمن الحضارة الأشورية، تحاور به بول مطر في دور السيّد وروجيه عسّاف في دور الخادم. ودار بعده النقاش حول فصول الكتاب من البدايات، "المشهد بين الآلهة والبشر". بول مطر كان مسيّر عربة روجيه عسّاف، يذكّره بالعنوان ويدعوه إلى الكلام.
القسم الأول: "الشرق القديم" وزمن الكتابات الأولى. "اليونان" وزمن التراجيديا اليونانية والتراجيديون الأوائل والفلاسفة، وزمن الكوميديا اليونانية. "روما" وزمن الألعاب الأستعراضية.
القسم الثاني: "المسارح الآسيوية"، الهند وزمن الكاتاكالي ومسرح السنسكريت. اليابان وزمن النو والكاكوبي. العالم العربي الجامع الحكواتي ومسرح الظل وزمن التعزية. الصين ومسرح الزاجو والأوبرا الصيني.
القسم الثالث: ولادة المسرح الأوروبي في القرون الوسطى، والنهضة، وزمن الكوميديا الإيطالية، فزمن العصر الذهبي حتى المسرح الاليزابيتي.
وبانتظار المجلّد الثاني، يكون هذا الكتاب الفخم بطباعته الأنيقة ومضمونه الغني، وفي احتوائه هذا الكم الهائل من المعلومات والأكتشافات الثمينة، منارة تضيء على ما كان في خبر الأمس فأحيا هذا الكتاب ذاكرته.

لكن الحياة أيضاً فن وأحمد بيضون قادر على أن يتفنن فيها، بكل ما في الفن من لعب وتسلية وفهم، وتعليقاته على الفايسبوك هي جماع ذلك كله، كثير من اللعب مع كثير من الفهم وهنا لا يكون الفهم أقل فناً ولا تسلية من اللعب، هنا يكون الفهم ضاحكاً وحاذقاً في نفس الوقت، ويكون مشرقاً ومسلياً كاللعب. يمكننا أمام ذلك أن نتذكر فولتير كما نتذكر في الوقت نفسه كبار الناشرين العرب الذين كان للكتابة عندهم متعة الحديث والمناظرة والمحاورات الكبرى. نفكر بأحمد بيضون كركن في ثقافتنا، بل كنموذج لصيرورة الثقافة شخصاً وإنساناً ونمط حياة، كنموذج لاقتران الثقافة بالمثقف واتصالهما من غير فصل، وكنموذج لالتزام حر لا تفوته مع ذلك المزحة والنادرة، كنموذج لحياة قد تكون بالدرجة الأولى فصلاً دائماً من الصداقة.
(]) أقيمت أمس في معرض الكتاب، ندوة حول كتاب أحمد بيضون «الفسبكات - الدفتر الثاني»، شارك فيها (بالإضافة إليه) كل من جورج دورليان ويوسف بزي وحازم صاغية.

الندوة عن كتاب انسي الحاج "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" وقصائد اخرى له، ادارتها الكاتبة جورجيا مخلوف. وتحدث أنطوان دويهي عن شخصية انسي الحاج اكثر منه عن أعماله، عن سطوة الروح عنده والنبل في الآداب.
وتحدثت مارلين كنعان عن ثورة انسي الحاج الشعرية وهي ليست فقط على شكل القصيدة العربية بل في موضوعاتها وصورها هو شاعر شمولي وتجربة شعرية كونية خاصة متأثرة بالحضارة الأوروبية والثقافة البيبلية الواسعة. وتخلل الندوة قراءات شعرية من ندى الحاج ويارا بو نصار.
أما الطاولة المستديرة عن كتاب أمل مكارم "جنة جحيمية" الصادر عن دار "أوريان دو ليفر"، فأدارها الدكتور فارس ساسين وعرف عن الكتاب عموما معددا ميزاته الأدبية، وهو يتضمن يوميات سنتي الحرب اللبنانية الاولى 1975 وعام 1976 وتدور الحوادث بين باريس وبيروت ورأس المتن وفيها كل ما عجت به هاتين السنتين.
وتحدث النائب مروان حماده عن تلك الفترة، "كنا نتقاسم الوقت بين الجبهات السياسية والعسكرية من جهة ودوحة الأمان والسلام وحقوق الانسان التي كانت توفرها امل مكارم من طابقها المطل على اللجنة الدولية للصليب الأحمر: أمل اليسارية الملتزمة تجاوزت في حياتها كل القيود الطائفية والمناطقية لتعيش أسطورة شغفها للحرية والمساواة ولبنانيتها المجبولة بعروبة صافية وعلمانية". وذكر الوزير السابق زياد بارود بالندوة التي عقدت عام 2001 من تنظيم أمل مكارم بعنوان "ذاكرة للغد" وما قالته عن ضرورة الذاكرة لبناء المستقبل، و"هذا لا يزال اليوم ضرورة في غياب ذاكرة خلافية ومصالحة مؤجلة"، وعرض لابرز ما ورد في كتابها. وتحدث الكاتب ألكسندر نجار عن معرفته بمكارم كصحافية في ملحق "حقوق الناس" الصادر عن "النهار"، وقال انها تأخرت في إصدار كتابها لتبتعد من جراحها قبل ان تكتب عن الحرب اللبنانية، وتحدث عن اهمية الذاكرة بالنسبة اليها معتبرا ان الكتاب لا يتوقف على سرد الحوادث بل عن آلام الاشخاص وحياتهم اليومية والنزاع بين رغبتهم بالرحيل وواجب البقاء.
وكانت شهادة للشاب توفيق صافيّة. وتوجهت امل مكارم الى جيل الشباب قائلة: "تشاؤمنا لا يعني فقدان الامل، لديكم الوقت لتروا ما لم نتمكن من مشاهدته نحن".
وكانت ندوة تحية الى المحاميين الراحلين جاكلين مسابكي وفارس الزغبي، أدارها ألكسندر نجار، وقال ان نقابة المحامين نظمت هذا الحدث لتحيي ذكرى محاميين كتبا بالفرنسية واغنيا الثقافة في لبنان.
وتحدث الدكتور فارس ساسين عن أوجه فارس الزغبي، القانوني فهو محام لامع وعاشق الكتاب هو الذي يملك مكتبة فريدة من نوعها في لبنان، والذي وهب مكتبته لجامعة القديس يوسف ، والوطني اللبناني. وتحدث القاضي انطوان خير عن فارس الزغبي كيف تعرف اليه وكيف أدى ذلك الى تفاعل بينهما في المعرفة والثقافة.
وتناولت الكاتبة السويسرية جيلبيرت فافر تجربتها مع جاكلين مسابكي وهي التي كتبت عنها كتاب "لغة الآلهة".
وتحدثت الزميلة ايفلين مسعود عن مسابكي وهي اول امرأة عضو في مجلس نقابة المحامين، وتحدثت عن مسيرتها في 50 عاماً ودفاعها عن قضايا المرأة ومحاربة جريمة الشرف وعن كتابها "ذاكرة الأرز" الذي لاقى شهرة عالمية.
امسية لعقل العويط
وكانت اُمسية لمقتطفات شعرية من أنطولوجيا الزميل عقل العويط "السراح" L'Echappee، وألقى كل من ميغيل بونفوي والزميلة جمانة حداد قراءات من الكتاب، تلاه توقيع الديوان في جناح دار "L'Orient des Livres" . وكانت محاضرة عن كتاب "جوسلين صعب الذاكرة الثائرة " لماتيلد روكسيل، ودافيد فارول، وقعته في دار النهار، واُخرى عن "الشخص في الاسلام" شارك فيها ماركوس كنير، وقدمها بيار سوفاج، وطاولة مستديرة شارك فيها روني ألفا وزينة قاسم ورادا لوزي صواف وناصر كرم، الى توقيع حارث بستاني "تاريخ لبنان" في مكتبة البرج.





ماريا الهاشم
الأدب كتمرين على الذاكرة، ختام معرض الكتاب الفرنكوفوني في \"البيال\" أمس، والذي أسدل على نشاطاته هذه السنة الستارة \"قاهراً\" الظروف الأمنية التي كادت تهدّد إقامته.
الندوة إذاً جمعت كتّاباً \"خلّدوا\" الذاكرة في طيّات كتبهم، ذاكرة التاريخ تحديداً. آلان مينارغ الذي سبق أن استرعت انتباهه الحرب اللبنانية، سأل \"ما معنى أن نكون نحن الصحافيين موضوعيين؟ أفضّل كلمة صادق\". وعقّب على ذلك دوني لانغلواه الذي قال إنه \"من المستحيل أن نكون موضوعيين لأننا كائنات بشرية لها آراء في مختلف الموضوعات\". وهذا ما أكّده جاك ماري بورجيه قائلاً: \"لسنا آلات أو روبوتات\".
واعتبر مدير الندوة زياد ماجد أن الذاكرة كثيراً ما طُمست ولم يعط لها الحيّز الكافي والوافي. وروى لانغلواه كتابته قصّة حرب الجبل ومقابلته السياسيين والمواطنين الذين \"كان لديهم الكثير ليقولوه غير أن أحداً لم يكن يسمعهم\". وتوقّف عند تهميش النساء \"المنسيات\" في الحرب اللبنانية وهنّ اللواتي عارضن الحرب بشراسة، وهناك منسيون آخرون هم الفقراء \"الضحايا الكبار الذين لا نؤثر الكلام عليهم في الغالب\".
واستغرب مينارغ ذلك النسيان الذي يلفّ حقبة الحرب، وقال: \"للأسف الغرباء هم الذين يكتبون تاريخ البلاد في لبنان، ونُعجب بهم لأننا نعتبرهم موضوعيين، وهذا إن دلّ على شيء فعلى أننا لم نأخذ موقفاً مما حدث. وهذا النسيان بالقوّة سيىء حين نرغب في بناء المستقبل\".
ورأى جاك بورجيه الذي تطرّق في كتاباته إلى مجازر صبرا وشاتيلا إلى التغيّر الذي طرأ على المخيّمات الفلسطينية في لبنان فلم تعد هي نفسها، و\"لبنان لم يعد لبنان\". وتوقّف عند نقطة تشابه بين لبنان وفرنسا هي قوانين العفو التي \"من شأنها أن تثنينا عن البحث عن الحقيقة، فعن صبرا وشاتيلا لم نعد نملك شيئاً، وعن الحرب الفرنسية الاستعمارية على الجزائر لا شيء نملكه أيضاً\".
وختم لانغلوه بأن كتاب التاريخ الموحّد للبنان يظهر وكأن كل طرف يقدّم وجهة نظره رافضاً وجهة نظر الآخر. و\"يجب أن نكون متواضعين. فالتنقيب عن الذاكرة يتطلّب الكثير من التواضع والبساطة\"، لافتاً إلى الرقابة التي \"نجدها في لبنان وتمنع بعض الأفلام من الظهور إلى العلن، وهي غير موجودة في فرنسا\".
وكان مع جورج قرم لقاء عن كتابه الجديد الذي وقّعه في\"المكتبة الشرقية\" بعنوان \"لقراءة مدنَّسة للنزاعات، عن عودة الديني إلى الصراعات المعاصرة في الشرق الأوسط\". وعرّفت اليزابيت لونغنيس عن الكتاب، معتبرة أنه نقد لعودة الديني في وقت تبرز فيه هواجس وصول الإسلاميين إلى السلطة. وعادل قرم بين القراءة المدنّسة والقراءة الموضوعية والعلمانية، قائلاً: \"أظلّ ذلك الجمهوري القديم، أنتمي إلى التفكير الجمهوري الذي يعتبر أن الناس جميعهم سواسية، والذي غيّر وجه العالم نحو الأفضل\". وتوقّف عند الصراعات التي نعيشها والتي للدين حيّز لا بأس له فيها إذ إن \"كل طائفة تشعر أنها مهدّدة من الطائفة الأخرى... والناس جميعهم ضائعون لأنهم فقدوا مرجعهم\". ولفت إلى محطات كبرى غيّرت وجه التاريخ منها وعد بلفور، وقيام دولة الباكستان، والثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 الذي كان حافلاً أيضاً بحوادث رئيسة\". وختم: \"يجب أن نغيّر معجمنا ومفاهيمنا، ذلك كان هدف كتابي\".
غريغوار حداد
ومن نشاطات يوم السبت ندوة عن مسيرة المطران غريغوار حداد بحضوره، وحملت الندوة عنوان \"المناضل في وجه الحقائق\" ادارها ميشال حجي جورجيو، متحدثا في كلمة عن مواجهة المطران حداد لشياطين التعصب والامتياز، والخوف من التغيير والافكار الجديدة. وتوقف ميشال توما الذي وقع كتابه عن حداد عند سبل الوصول الى الدولة المدنية وتحقيق تطلعات المطران حداد الاجتماعية والفكرية والوطنية التي كسرت المحرمات ونقل إرثه الى جيل الشباب. أما الدكتور سعود المولى فقال ان كتاب توما \"يعكس تاريخ لبنان ويسد فراغا في معلوماتنا\"، لافتاً إلى نشاطات حداد وقدم صورة للواقع التاريخي أثناء نشاطات المطران حداد.
وشبّه سمير فرنجيه حداد بالأب بيار، وقال: \"كان واعيا للأخطار التي تتهدد اللبنانيين، حضّر الارضية للوصول الى الدولة المدنية ودولة اللاعنف والشراكة بين المواطنين\". ودعا فرنجيه الى \"التعجيل في اقامة الدولة المدنية كطريق للخروج من الازمة\".
وفي التواقيع وقّع آلان مينارغ \"أسرار حرب لبنان\" الجزء الثاني، وجاك ماري بورجيه \"صبرا وشاتيلا في قلب المجزرة\"، ووقّعت كارن بستاني \"أبي ملك العالم\"، ولورا طراد وقّعت \"غزو العالم\"، ووقّعت نسرين عجيل \"المشكلة مع خالتي\".

رلى معوض
بعد أكثر من اربعين عاما على صدوره وترجمته الى لغات عدة، ها هو كتاب \"طواحين بيروت\" لتوفيق يوسف عواد يصدر، واخيرا، باللغة الفرنسية ترجمة فيفي ابو ديب، عن دار \"اكت سود\" بمشاركة \"اوريان دي ليفر\".
وامس كانت ندوة عنه قدمها الدكتور فارس ساسين، الذي قال عن عواد انه سيد القصة القصيرة الذي وضع المدماك الاساسي لتاريخ الرواية الحديثة، لأنه قبل الحرب بثلاث سنوات، وصف ما ستؤول اليه الاوضاع، فبدت الرواية وكأن فيها طابع النبوءة.
وقال الناشر فاروق مردم بك، ان هناك جيلا من الكتّاب اللبنانيين الذين اسسوا للرواية اللبنانية والقصة، لم تترجم اعمالهم الا في القليل النادر، ولذلك تعتبر ترجمة هذا الكتاب امرا مهما بالنسبة الى التعريف بالادب اللبناني في فرنسا واوروبا.
فيفي ابوديب، قالت ان الكتاب الذي ترجمته جريء جدا، كتاب كتب من خارج لبنان، وكانت له رؤية واسعة للمجتمع اللبناني في حينه واهم شيء ان فيه توقعات الحروب الآتية.
حفيدة الكاتب زينة توتنجي، قالت ان الكتاب كتبه جدها من طوكيو حين كان سفيرا للبنان هناك في عام 1969، \"هذا المشروع يعز علي كثيرا، وقدمته لبيروت عاصمة عالمية للكتاب وقالوا انهم يدعمون ترجمة المشروع، واخيرا وجدنا فيفي للترجمة، وهي تملك أسلوباً حساساً وطاقة لاتمام المشروع، وعملت منذ سنوات لترجمته الى الفرنسية وكان قد ترجم الى الروسية والانكليزية والالمانية والاسبانية\".
وقال الروائي جبور دويهي، \"هذه رواية، بدأنا بعدها نكتب من هذا المناخ، رواية مشهدية اكثر مما تخبر، وهذه حداثتها واهمية توفيق يوسف عواد، وهي اول رواية عن حرب لبنان، ولو انها صدرت قبل اندلاع الحرب، لأن كل مقبلات الحرب كانت متوافرة فيها\".
جودت حيدر
\"مئة قصيدة وقصيدة مختارة من جودت حيدر\" تحدثت عنها الدكتورة ليلي عسيران، وعن الكتاب ودراسة الخطاب، عن العنوان وموضوعات الديوان. وقدمت مقاربة ألسنية وعرضت خلاصة حيدر الموجودة في الديوان. وسألت عن شخصيته، \"هل هو فقط شاعر؟ انه مجموعة مكونات في شخص واحد. واهم شيء في فلسفته ان الانسان محور شعره يتوجه اليه بمحبة ويحضه على العمل، لتحقيق اهدافه\".
وشدد الكسندر نجار على سلاسة الاسلوب عند جودت حيدر، وتحدث عن افكار الشاعر التي تذكرنا بتلك التي كان يتناولها جبران خليل جبران، كالطبيعة وعلاقة الانسان بها وتعلقه بلبنان، وهو كرّس قصيدة لجبران في ديوانه، ومن هنا التشديد على العلاقة الوطيدة بين الكاتب والعالم الجبراني\".
وتحدث الدكتور لاغارد عن السلام الداخلي في قصائد حيدر، وعن ارتباطه الوثيق بالطبيعة الى درجة يمكن اعتباره من طليعة الشعراء المدافعين عن البيئة.
غرافيتيس عربية
في التواقيع، وقع في مكتبة البرج المتخصص بالتصميم التخطيطي والخط العربي باسكال زغبي، وصاحب دار النشر الالمانية \"من هنا للشهرة\" دون كارل ستون، وهو فنان غرافيتي من اوائل الذين عملوا على هذا الفن في المانيا، كتابهما \"غرافيتيس عربية\". ويقسم الكتاب الى جزء يحكي عن الغرافيتي في الدول العربية، ويظهر الجانب السياسي والاجتماعي للبلد. ففي لبنان يظهر الغرافيتي السياسية الآتية اكثر من الاحزاب والتي هي نتيجة الحرب الاهلية، وفيه فصل عن بيروت والغرافيتي الفنية التي قام بها الفنانون الشباب ليعبروا عن افكارهم السياسية والاجتماعية.
والجزء الثاني عن الفنانين المتخصصين بـ\"فن الشارع\" (غرافيتي ارتست) الذين عملوا بالخط العربي.
وفي جناح جامعة القديس يوسف، وقع ليفون نورديغيان كتاب \"ارمن كيليكيا، المسكن والذاكرة والهوية\" الصادر عن مطبوعات الجامعة بالاشتراك مع رايمون كيفوركيان، ميران ميناسيان، ميشال بابوجيان، فاهيه تاشجيان. والكتاب عن ارمن كيليكيا اين عاشوا وما هي تقاليدهم وقراهم. وفاجأ الحضور السفير التركي الذي اشترى الكتاب!
ووقعت ديالا الحاج كتابها فقط \"من اجل عينيك\" في جناح مكتبة درغام. وفي جناح البعثة الثقافية الفرنسية، مشروع \"راشانا- المنصف\" وهو للصف الخامس الاساسي يحمل عنوان رحلة مع الفنون الجميلة، تعرف التلامذة من خلاله الى فنانين كبار من لبنان: النحات اناشار بصبوص من راشانا والرسام شكر الله فتوح من المنصف، واهمية هذا العمل انه متعدد التخصصات. وقد عمل التلامذة بشكل جماعي كي يتوصلوا الى رؤية خاصة للبنان من خلال عيونهم، ومن خلال صور التقطوها.
وفي جناح مدرسة راهبات القلبين الاقدسين، باع التلامذة كتباً من انتاجهم الى وزير الاعلام وليد الداعوق اثناء زيارته لهم، وألعاباً تربوية صنعوها بأنفسهم عن شروط السلامة المنزلية والطرق، ومن بين الكتب الحياة داخل الاسرة، والنظام الغذائي وغيرها.
(النهار 3.11.2012)

جائزة لائحة غونكور خيار الشرق منحت في نسختها الاولى الى ماتياس اينار عن كتابه \"شارع اللصوص\".
أعلنت هيئة تحكيم جائزة \"لائحة غونكور خيار الشرق بعد اجتماعها امس، في معرض الكتاب الفرنكوفوني، وبعد نقاشات من اعضائها الـ18 الذين يمثلون عددا من الجامعات العربية، منح جائزتها في نسختها الأولى، الى ماتياس اينار عن كتابه \"شارع اللصوص\" (منشورات أكت – سود) بعدما نالت 10 اصوات مقابل 8 اصوات لرواية \"الطفل اليوناني\" لفاسيليس الكسياكيس (منشورات ستوك).
وقالت الهيئة في بيان ان خيارها جاء لما حملته رواية ماتياس اينار من رهافة في تحليل الشخصيات التي لم تتوقف عن التطور مع اسلوب الكاتب ومع تطور الخيط الروائي الذي يقترب من انسانوية الكاتب الذي يضع الحرية فوق كل العلاقات العائلية والدينية.
اضافت ان الاختيار جاء ايضا لموضوع التيه الذي يحمل معه قضية الهوية التي هي قضية راهنة في هذه اللحظة، لا في العالم العربي وحسب بل ايضا في الشرق كما في الغرب.
واشارت الى تعددية الاخضر الثقافية في هذه الرواية والذي يعتبر نفسه مواطنا في معاصرة لا يستطيع الهرب منها.
اضافت: \"وما اثر بنا ايضا اللغة غير العصية التي تسمح للقارئ العربي أن يتماهى مع البطل الذي فقد بوصلته في عصر الربيع العربي.
جائزة غونكور
وكان اعلن في المعرض عن المؤلفات الاربعة المرشحة للحصول على جائزة غونكور. ففي لقاء عقد في قاعة اغورا حضره السفير الفرنسي باتريس باولي وشارك فيه ستة من اعضاء اكاديمية غونكور وهم رئيسة الاكاديمية ادموند شارل رو وبرنار بيفو وطاهر بن جلون وديدييه ديكوان وبيار اسولين وريجيس دوبريه اعلنت المؤلفات وهي Peste et Colera لـ Patrick Deville وla verite sur l\'Affaire Harry Quebert لـJoel Dicker وle Sermon de la chute de Rome لـJerome Ferrari وlame de fond
لـ Linda Le وسوف تعلن الجائزة في السابع من الشهر الجاري.
(النهار 1/11/2012)

ماريا الهاشم
في \"اليوم التالي\" بحث معرض الكتاب الفرنكوفوني في \"البيال\" أمس في محاضرته، وعرّج على ثنائية المقدّس والمدنّس. وأولت الإعلامية جيزيل خوري أهمية لموضوع المحاضرة الأولى، إذ اننا \"بعد الحروب والثورات، كثيراً ما يفوتنا اليوم الما بعد\".
\"لا وصفة جاهزة لنجاح بناء اليوم التالي\" وفق ريكاردو بوكو الذي رأى أن أوروبا لم تخرج بعد من الحرب العالمية الثانية ولا من الديكتاتوريات، \"فالنسيان لم يمح الماضي كي نعبر إلى المستقبل\"، باستثناء الأرجنتين في أميركا اللاتينية التي عرفت مساراً انتقالياً لأنها قررت أن تنسى كل شيء، و\"وضعها شبيه بوضع لبنان لناحية قوانين العفو\". ومع أن لا وصفة جاهزة بالنسبة إلى بوكو، فإن المجتمع المدني يمكنه ان يؤدي بعض الدور في التغيير المرجوّ في المجتمعات. وختم: \"معنى العدالة واللاعدالة جوهري. فإذا توصّلنا ذات يوم، مع أنني مقتنع بأنني حالم، إلى سلام فلسطيني إسرائيلي، فإن أول ما يجب أن يوضع في الصدارة هو عمل الذاكرة: ماذا فعلنا؟ وماذا فعلوا لنا؟\".
وأيدت باري فريمان دور المواطنين أيضاً في بناء المؤسسات، و\"للمواطنين الحق في الاختيار ومناقشة أفكارهم\". غير أن \"وضع المؤسسات على سكة الواقع قد يأخذ سنوات إذا لم يكن عشرات السنين\". وأعطت فريمان أمثلة عن فقدان بعض الدول القدرة على بناء المؤسسات، كأفغانستان وليبيا، في مقابل أخرى تمتلك الكفاءة كالبوسنة. وثمة دول أخرى تعزل الطرف الآخر، فيما \"المطلوب تعزيز مناخ يشرك المواطنين في بناء دولتهم، فضلاً عن الجماعات المعادية للسلطة والتي يجب أن يُسمع صوتها\". وباختصار، فإن \"بناء المؤسسات يقوده المواطنون أنفسهم\".
أما عن بناء اليوم التالي \"الخارج\" من النزاعات والحروب عمرانياً، فتوقف عنده سيرج يازجي الذي رأى أن العمران عندنا يكتسي رداء سياسيا.
وقال إنه في بداية التسعينات من القرن الماضي \"أعطيت الأولوية لإعادة الإعمار للقطاع الخاص، فيما إعادة البناء دور يجب أن تضطلع به الدولة. فضلاً عن ذلك، فإن المدينة لم تعد متاحة أمام الطبقات الوسطى\". وخلص إلى أن ساحة الشهداء هي \"عبارة عن تملّك لمساحة ولكن ليس بقبول الآخر ودمجه، إنما بإقصائه ورفضه. وهذا ما يضر في إعادة البناء\".
\"بيروت مدينة لا يعاد بناؤها\" بحسب برنار خوري الذي عرض تجربته، تجربة العائد إلى الوطن بعد غربة مع أحلام كثيرة بإعادة البناء، و\"لكن لم أبن شيئاً\". لذلك \"علّمتني بيروت أن \"ألتذّ\" بالأوضاع الصعبة\". وعنده أن \"السياسة لا تكمن في الضرورة في الجدّي... في لبنان نحن في مكان آخر، لأن لا دولة هنا\".
\"المقدّس، المدنّس، أين العدوّ؟\" سألت المحاضرة الثانية التي قدّمها بيار كونيسا الذي أعاد السؤال إلى زمن بعيد ولكنه لا يزال مطروحاً. وقدّم ريجيس دوبريه قراءة \"مدنّسة\" للمقدّس. فعنده أن \"لا وجود للمقدّس، فالمقدّس هو ما نبتكره ونصنعه. في ألمانيا مثلاً الغابة مقدّسة لا تُمسّ، في فرنسا الجثّة مقدّسة، ومرفوض أن توضع جثّتان في تابوت واحد، والجسد أيضاً يُعتبر مقدّساً، وتمتنع المتاجرة به... هناك مقدّس في كل مكان. فهمت أن عليّ أن أتطرّق إلى المقدّس بطريقة مدنّسة. المقدّس مرتبط عادة بالموت، هو ما نلامسه يومياً. يجب ألا نعتقد أن المقدّس والمدنّس متعارضان. ليس ثمّة من مقدّس إلى الأبد، لكن هناك مقدّس دائماً\".
وأعاد الصحافي بيار أبي صعب المقدّس إلى \"درجته الصفر\" في محاولة \"لتعريته\". ورأى أن الإسلام كدين مقدّس \"تجب إعادة اعتباره شكل تعبير سياسي يختزل قوة دفاع ضد المحتلّ. لذا للدين وظيفة مناضلة تماماً\". وتوقّف عند الحدود الفاصلة بين الخير والشر، فـ\"مقاومة إسرائيل تُعتبر ضرب شيطنة بالنسبة إلى الغرب. ويتبنّى بعض العرب الذين يتماهون مع الغرب نظرة الآخر إلينا\". كما تطرّق إلى ما سمّاه \"صناعة العدوّ عبر إقناع أنفسنا بنظرية المؤامرة وإعادة كل ما يصيبنا إليها. وهذا مرض غير مرئيّ يلازم الضحية التي تصرّ على أنه في مكان ما هناك مؤامرة ضدها\".
ووقع عدد من الكتّاب في المعرض،
(النهار 31/10/2012)
رلى معوض
الفرنكوفونية في لقائها السنوي كانت امس على موعد نقاش كتاب \'الفرص الضائعة من اجل السلام في لبنان\' للكاتبين قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس، والمتخصصة في العلوم الاجتماعية كامي جرمانوس. قدم للمتكلمين المحامي والكاتب الكسندر نجار وعرض الافكار التي تناولها الكتاب مشددا على اهمية المواضيع التي يطرحها والتي تفتح افقا للتفكير.
وتناول وزير العمل سليم جريصاتي العلاقة بين المسامحة والعدالة وجدوى انشاء لجنة على غرار لجان الحقيقة والمسامحة التي اعتمدت في افريقيا الجنوبية، كما دعا الى المصادقة على المعاهدة الدولية لحماية الاشخاص من الاخفاء القسري، التي من شأنها اعطاء اهالي المخطوفين وسيلة اضافية للوصول الى الحقيقة. وبالاشارة الى ما جاء في الكتاب لجهة وجوب اعادة النظر في النظام الاداري اللبناني الذي يشوبه عيوب الفساد والطائفية، دعا جريصاتي الى ضرورة تعديل النظام السياسي بكامله. اما بالنسبة الى مسألة حيادية لبنان التي يطرحها الكتاب، فشكك الوزير في مدى تحقيقها، خصوصا وان تجربة النأي بالنفس اظهرت صعوبة ذلك، علما ان وجود اسرائيل على الحدود يشكل حاجزا في تطبيق الحيادية.
وتحدث وزير العدل السابق ابرهيم نجار، عن الكتاب في قسميه الاول الذي يتطرق الى الاسباب الدفينة التي يتوجب على السياسيين والباحثين ان يظهروها الى العلني، ليصبح موضع تبادل الحقائق، ومنها تنشأ الرغبة والارادة في التسامح مع الغير هذا المنحى يؤدي الى بلورة كل ما يعصف بالمجتمع اللبناني من ذكريات ومرارة وموت وجرائم، وبما انه لا بد من تجاوز الحالة المرضية المتربصة بالضمير اللبناني، ويقترح المؤلفان اظهار الحقيقة لتكون موضع تبادل علني.
وتطرق القسم الثاني الى النواحي الادارية والثقافية التي تؤسس للبنان، من الطائفية الى كل ما يتعلق بالفساد والجمود والى تحجر الذهنيات والزعامات ويقترح المؤلفان انشاء لجنة تحقيق برلمانية تتناول مراحل 3 في تاريخ لبنان.
واعتبر نجار ان هذه النظرة هي الى حد كبير طوباوية، رغم فوائدها العلمية والاجتماعية والفلسفية والادبية، لان لبنان لا يزال يفتش عن ذاته ولأن كل مجموعة فيه تنظر الى هذا البلد من منظارها الخاص، بحيث يبدو لبنان وكأنه مجموعة من الاوصاف التي تتراكم فوق بعضها البعض وتجعل من صورته كانها صورة تكعيبية، وبالتالي هو في حاجة الى ايجاد ذاته وتنظيم تنوعه من اجل وحدته والتحفظ الثاني هو ان لبنان مرآة لكل ما يحصل في المنطقة وقد يكون المختبر التي تنعكس فيه كل التناقضات وضروراتها.
اما التحفظ، الثالث فإن لبنان كجلدة النمر المرقطة فيه جذر ثقافية وامنية وعلمية، وهذه الدولة لا تزال تحتاج الى قيام دولة المؤسسات، ولولا القطاع الخاص لما استطاعت هذه الدولة الشبيهة بديناصور راسه صغير وجسمه كبير ان تنحدر وتتفتت، لبنان القطاع الخاص هو امبراطورية ثقافية وعلمية ومصرفية وجامعية. وعلينا ان نثمن هذا القطاع الخاص من دون ان ننسى ان بناء الدولة هو ابرز ما يجب ان نهتم به لكي يكون لنا تراث من المؤسسات الفاعلة.
وختاما اوضح القاضي بيتر جرمانوس ما جاء في كتابه، خصوصا لجهة انشاء لجان برلمانيةـ \'عدالة وغفران\' شبيهة بالتي انشأت في افريقيا الجنوبية، وقال ان \'الكتاب يتحدث عن كل ما لم نفعله لتثبيت السلم الاهلي، وهو اعادة صوغ الذاكرة الجماعية لنفهم العوامل التي تؤدي الى انبثاق العنف في المجتمع وانهيار الرابطات الاجتماعية\'. وتحدث عن ابرز الحلول التي اقترحها الكاتبان وهي المصالحة الوطنية التي تتضمن: الاقرار بالذنب، المصالحة، الغفران، واعادة هيكلة الادارة، الحياد.
تواقيع
ووقعت الزميلة مهى نعمة كتابها \'مسيحيو لبنان والبلدان العربية\'، وهو دراسة اجتماعية سياسية تتناول وضع المسيحيين في الدول العربية وفي لبنان منذ الفتح الاسلامي الى يومنا هذا، وتعرض لأوضاعهم الاجتماعية ولعلاقتهم بالانظمة السياسية القائمة، خصوصا منذ استقلال هذه الدول. وتشرح اسباب هجرة المسيحيين بعد يأسهم من المشاركة في القرار السياسي في بلادهم، وتطرح على المسلمين اسئلة عن دورهم الاساسي في الحفاظ على المسيحين في الدول العربية من طريق المطالبة بالمواطنة الكاملة.
حكايات شرقية
وكان لقاء مع هنري لورانس عن \'حكايات شرقية\' ادارها يوسف معوض، وقال ان المؤرخ لورانس دخل تاريخنا العربي مع حملة نابوليون الى مصر الى جانب العلماء والمثقفين والجيش، وارّخ لتلك الفترة وكان اول كتاب له، وهذا الكتاب الذي شرح صراعات الحضارات بين الغربية التي تغزو بالمدفع والبارود والعلم وحضارة شرقية ترقد في سباتها القومي، مذ دخلت الحداثة دخل معها هنري لورانس الى التاريخ. الى وصوله الى قضية فلسطين التي افرد لها اكثر من مجموعة. وتوجه اليه بالسؤال عن العنف او الغلبة التي تؤسس للحكم. \'أيكون العنف ملازما للحياة السياسة في مجتمعاتنا التي تتخبط في الجهل والفقر. ام ان نقبل اخيرا بالتناوب على السلطة في شكل ديموقراطي؟
وعرض لورانس لكتابه وهو مجموعة من المقالات التاريخية عن الشرق العربي جمعها في هذا الكتاب. وهي تناولت مسألة التجربة البريطانية في العراق، قضية فلسطين، وحملة نابوليون على مصر.
وقدم سمير فرنجية تقويما عاما للكتاب وركز على فكرة سوريا الكبرى التي تكلم عنها هنري لورانس في حديثه عن سوريا والاردن وفلسطين، وركز على هذه الفكرة التي استمرت فترة طويلة بدليل اعتبار النظام الحالي اتفاقية سايكس بيكو في عام 1916 كارثة على المنطقة، فاصبحت كل سياستهم محكومة بافشال هذه الاتفاقية. وذكر انه في بداية عام 2005، قال بشار الاسد ان الوضع اليوم اخطر من الوضع السائد لحظة الاتفاقية، وفي اخر العام نفسه يقول وليد المعلم سوريا تواجه اتفاقية سايكس بيكو رقم 2 والسؤال، كان هل يمكن ان تكون الاتفاقية وضعت قبل حوالي قرن من الان لا تزال تتحكم بعقل المسؤولين السوريين وتصرفهم. في كتاب هنري لورانس عدد كبير من الاشارات الى هذا الفكر القومي السوري الذي حكم علاقة سوريا بلبنان وفلسطين والاردن.
(النهار 30/10/2012)

رلى معوض:
انها السنة العشرون التي تحتفل فيها الفرنكوفونية بمهرجانها الثقافي في بيروت من خلال معرض الكتاب الفرنكوفوني. عندما اطلقت السفارة الفرنسية المعرض في عام 1992 كان على مساحة 600 متر مربع لتكرم من خلاله مستوردي الكتب من دور النشر الفرنسية الذين لم توقفهم الحرب. اليوم اصبح المعرض من ابرز معالم الحياة الثقافية اللبنانية, مساهما على مر الاعوام في نقاش فكري ايديولوجي, ناشرا حوار الحضارات.
وفي حين تركز المعرض في العام الماضي على كلمات الحرية, اراد هذه السنة الاحتفال بسنواته العشرين مع اكاديمية غونكور كضيفة شرف, واطلاق جائزة ادبية جديدة \'خيار الشرق\', فتختار لجنة حكم مؤلفة من طلاب جامعات فرنكوفونية في الشرق الاوسط, من بيروت والقاهرة وفلسطين, هواة الروايات والمغامرات, فائزا من بين الروايات المرشحة لجائزة غونكور الادبية. ومن جديده هذه السنة اعداد العاملين في المكتبات اللبنانية, والتركيز على تخصصاتهم وتسليط الضوء على الناشرين اللبنانيين الفرنكوفون. وسيكرم المعرض هذه السنة شعر صلاح ستيتية الحائز جائزة الفرنكوفونية الكبرى من الاكاديمية الفرنسية.
وعقدت نقابة مستوردي الكتب في لبنان والمركز الثقافي الفرنسي مؤتمرا صحافيا امس، في المبنى الرئيسي لبنك البحر المتوسط في كليمنصو شريك المعرض منذ 10 سنوات، أعلن خلاله عن إقامة معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت 2012 الذي يبدأ الساعة السادسة مساء الجمعة 26 الجاري ويستمر الى 4 تشرين الثاني، في \'مركز بيروت للمعارض - بيال\'.
وتحدث المدير العام لبنك \'ميد\' محمد علي بيهم عن دور الشركات الخاصة في نشر الثقافة في لبنان, ومساهمة المصرف في نشر النشاطات الثقافية والفرنكوفونية, التي تغني التنوع في لبنان وتجد اساسات متينة لبيئة صالحة لعمل منتج.
الى كلمة سفيرة سويسرا روث فلينت التي تحدثت عن مشاركة البلدان الفرنكوفونية في معرض الكتاب مثل سويسرا، بلجيكا وكندا. وقدمت برنامج النشاطات واللقاءات مع الكتاب السويسريين, والمعرض الخاص بمرور ثلاثمئة سنة على ولادة المفكر والفيلسوف جان جاك روسو.
وتحدث نقيب اصحاب مستوردي الكتب جورج تابت عن اهمية المشاركة في هذا الموعد الثقافي السنوي وهذه التظاهرة المهمة بالنسبة الى اصحاب المكتبات ومستوردي الكتب.
وعرضت المديرة الاقليمية في الوكالة الجامعية الفرنكوفونية سلوى ناكوزي, مشروع اختيار افضل كتاب من الكتب الثمانية التي رشحتها اكاديمية غونكور لنيل جائزة \'خيار الشرق\', والخيار للجنة مؤلفة من 18 شابا من جامعات فرنكوفونية من 5 بلدان من الشرق الاوسط. وتسلم الجائزة خلال المعرض في حضور اعضاء جائزة غونكور في 31 تشرين الاول الجاري، والكتاب الفائز سيشارك كاتبه في المعرض السنة المقبلة كما سيترجم الى اللغة العربية.
الى كلمة رئيس المراكز الثقافية الاوروبية في لبنان \'اونيك\' دان تونسكو الذي قال انها المرة الاولى التي تشارك فيها \'اونيك\' في هذا الحدث.
وختاما تحدث المستشار الثقافي في السفارة الفرنسية ومدير المعهد الفرنسي في لبنان اوريليان لو شوفالييه، واعلن العيد الـ20 لمعرض السنة وضيف الشرف هي اكاديمية غونكور. والافتتاح سيتم, في حضور وزيرة الفرنكوفونية الفرنسية يمينة بنجيجي ورئيس المؤسسة الفرنسية كزافيه داركوز. وشدد على اهمية النشاطات المخصصة للشباب, وهو للتبادل ولجذب الشباب والطلاب في عيد كبير للفرنكوفونية والجميع مدعوون للمشاركة من 26 الجاري الى 4 تشرين الثاني المقبل.
(جريدة النهار 17/10/2012)

تسلم سمير فرنجية، كاتباً ومفكراً سياسياً، جائزة فينيكس 2011 عن كتابه \"رحلة إلى أقاصي العنف\" باختيار لجنة يترأسها عضو الأكاديمية الفرنسية أمين معلوف، في لقاء استضافه المقر الرئيسي لـ\"بنك عودة\" في بيروت مساء أمس، وحضره جمع من المثقفين والناشطين والأصدقاء.
بداية تحدث رئيس مجلس إدارة \"بنك عودة\" الوزير السابق ريمون عودة فرحّب وذكّر بأن الجائزة نالها منذ إطلاقها عام 1996 كتاب مميزون مثل غسان سلامة، جورج قرم، دومينيك إده، الشهيد سمير قصير، كارول داغر، جوزف شامي، فادي اسطفان، شريف مجدلاني، ريشار مييه، وآخرون. وأشار إلى ان الدعم الذي يقدمه المصرف للثقافة نابع من اقتناع في غياب اهتمام المؤسسات الرسمية. ووصف سمير فرنجية بأنه رجل سياسة وثقافة على غرار والده \"الرائد\" حميد فرنجية، وميشال شيحا، وميشال زكور، وأيوب تابت، وشارل مالك، وشارل حلو وغسان وجبران تويني، وآخرين مزجوا الحركة السياسية بالكتابة الصحافية أو الأدبية والفكرية. وأشاد بكتاب فرنجية الذي لقي أصداء واسعة في بيروت كما في باريس.
وتحدث الكاتب ألكسندر نجار عن جائزة الفينيكس واللجنة المقررة برئاسة معلوف والتي تضم كبار الكتاب والأدباء من فرنسيين ولبنانيين فرنكوفونيين. وعرض موجزاً لسيرة الفائز هذه السنة فرنجية السياسي والكاتب في \"النهار\" و\"السفير\" و\"لوريان لوجور\" و\"لوموند ديبلوماتيك\"، قائلاً إن \"وضوح التحليل وعمق الأفكار في كتابه أذهلا أعضاء اللجنة\". وإن فرنجية \"يكتب بصدق ويفتح أعين القراء ويثري أفكارهم\".
ختاماً تكلم فرنجية شاكراً الحضور واللجنة وقال إن الكتاب هو خلاصة تفكير في طبيعة العنف وطريقة عمله، داعياً إلى ثقافة السلام، ثقافة العيش معاً.
النهار 24/1/2012